جبل أم حياة .. !

لم نكن نعلم أي شيء عن هذه الرحلة سوى أننا سوف نصل لقمة جبل موسى لنستمتع بمشهد الشروق ثم نزور دير سانت كاترين ثم نعود للفندق .. لم نعترض على أن بداية الرحلة كانت في الثالثة صباحا فقد كان لدينا حماسة شهر العسل ، و بما أنها أول رحلة نقوم بها و رابع يوم جواز فجهزنا السندويتشات و العصائر و شيكولاتة كادبورى و جالاكسي كعادة المصريين ، فالرحلة دوما تعني عسش فينو و شيبسي و عصير جوافة ... .
بغض النظر عن باقي ما حدث من آلام في هذه الرحلة الشاقة ، إلا أنني لاحظت أن الذين يصعدون جبل موسى – الذي بالمناسبة يتكلف ساعتين على الأقل من صعود غير ممهد ضد الجاذبية في ظلمة الليل – هم أنواع ، فهناك من يسيرون سريعا في البداية و لكن سرعان ما يتعبون فيقفون و يتخلفون عن المجموعة ، و هناك من هم ذو لياقة بدنية عالية فيسيرون في خطوات واثقة منتظمة حتى يصلوا للقمة ، و هناك من يكونون في سن ال90 و لكنهم مازالوا شبابا في قلوبهم فيصعدون في خفة ، و هناك من يمر بهم الجمًّال يعرض عليهم مساعدة للصعود ... إن هذا الجبل حقا هو صورة للحياة ... بل و ليس أي حياة ، الحياة الروحية .فهناك من يبدأ و يريد البداية من مرحلة القداسة فسرعان ما يتوقف ، و هناك من يسير تحت إرشاد و بانتظام فيصل ، و هناك الشيوخ الذين يعيشون في تقوى و تجد فيهم براءة الاطفال ، و هناك من يرضخون لعروض الشيطان و وعوده بحياة مريحة دون ضيقات ، ربما رحلة الصعود إلى جبل موسى هي رحلة شاقة فعلا ... و لكم من قال أنه في العالم لن يكون هناك ضيق ؟ .. يبدو أن رحلة الحياة متشابهة إلى حد كبير مع رحلة الصعود هذه .