انفتحت أبواب المترو و صعد هو في هدوء ملامحه تعلوها طبقة من الجد ... بدون حزن أو فرحة .. ربما خجل ، هو طفل في الحادية عشرة من عمره تقريباً لا يزيد و إن كان من الممكن أن يقل .. يرتدي ملابس متسخة نوع ما و حذاء أسود، يبين قصر بنطلونه أنه كان يرتديه دون جوارب ، و ممسكا بمجموعة من الأوراق الصغيرة يوزعها على الناس بترتيب معين حتى يعرف كيف يلملم الأوراق من أيدي الناس بعد أن تستعطفهم الكلمات المكتوبة بها فيعطونه ما خرج من ذمتهم ، و في طريقه للنزول سمع مجموعة من الشباب يلهون و يضحكون و يقلدون مواقف مضحكة ، فما كان منه إلا أنه هز كتفيه و ابتسم ابتسامة رائعة ، بل غاية في الجمال و الروعة ... لست أدري من الذي علم هذا الطفل أن يستعطي بهذه الطريقة الهادمة لطفولته ، و لكنني أعلم من الذي علمه ان يضحك هذه الضحكة ... إنها طفولته البريئة التي و إن غطاها العديد من طبقات الهم و القهر و الألم ... مازالت تتلألأ هذه الطفولة تحت هذه الطبقات منتظرة فقط من يحاول اظهار لمعانها و بريقها .
هكذا نحن جميعاً ، لا يخلقنا الله أبداً بعيب أو بشر أو بشيء خاطيء بل بمعدن طيب ذو لطف روحي جميل و لكن هذا المعدن يظل يتفاعل مع ما يحتك به ، فإما يزيد نقاوة و إما يتآكل شيء فشيء إلى أن يختفي .. و هنا يمكن الفرق بين اللص الذي دخل الفردوس ، فقد نبش ما غطى معدنه حتة يظهره ، و بين يهوذا الذي بعد أن كشفه له الله عاد هو و غطاه بما يطمسه للأبد ... عرفني يارب طريقك .
بندق. فبراير 2007 – شبرا
هكذا نحن جميعاً ، لا يخلقنا الله أبداً بعيب أو بشر أو بشيء خاطيء بل بمعدن طيب ذو لطف روحي جميل و لكن هذا المعدن يظل يتفاعل مع ما يحتك به ، فإما يزيد نقاوة و إما يتآكل شيء فشيء إلى أن يختفي .. و هنا يمكن الفرق بين اللص الذي دخل الفردوس ، فقد نبش ما غطى معدنه حتة يظهره ، و بين يهوذا الذي بعد أن كشفه له الله عاد هو و غطاه بما يطمسه للأبد ... عرفني يارب طريقك .