جبل أم حياة .. !
رسالة إلى ضابط الكل
كيف حالك يارب ؟ أنا واثق أنك كعادتك مبتسما ، بالرغم من أن أعمال الكثير من البشر تغضبك ، و لكنك تحبهم و تحاول جاهدا بكمال الرقة الموجودة فيك أن تصلح ما بهم و ترشدهم و تعلمهم .
أنا أيضا واثق أنك مازلت تمارس هواية الاصلاح ، فتمد يدك و تحول كل ما هو غير نافع إلى شيء نافع ... أنت يارب مبدع علم إعادة التدوير ااذي يدعي العلماء أنه علم إنقاذ الموارد البشرية ، قد خلقت الانسان من تراب ، و حولت المولود أعمى إلى مبصر و اللص المصلوب إلى أحد ساكني الفردوس .
بينما يارب يتسابق الناس في الاستهلاك و يحولون الأشياء إلى خردة ، تأخذ أنت الخردة البشرية و تصنع منها قطعا فنية لا مثيل لها ، تحول عبد الخطية إلى سيد و جريح الشيطان إلى ملك منتصر .. و الموت إلى حياة .
محبتك العظيمة هي سر تطوعك ، لبناء كل هذه الأشياء و لمستك الطاهرة هي التي تحول كل الخردة إلى اشخاص نافعة ، هناك يارب قطعة من الخردة غير نافعة لأي شيء ، كل من رآها ألقاها مرة أخرى و لا أحد يريد أن يحاول إعادة تصنيعها ،لا أعلم كيف سوف تحولها لشيء نافع ، و لكنني أعلم أنك تقدر ، ربما هي قطعة صعب تشكيلها و لكنك تقدر ، سوف تترك قطعة الخردة هذه قلمها الأن و تنتظر مجيئك لتعيد تصنيعها ، لا تهتم بتأوهاتها إن تألمت فهي تعرف أنه لمصلحتها ، أرجو أن تطهرها و تبرز حبها الكبير لك مع خالص شكري لمجدك ، يارب إن أردت تقدر أن تطهرني .
الدرس العملي
مقدمة ليس لها معنى و شخابيط غير مدروسة ، ما علينا ، أعتقد أن من أهم الموضوعات التي تؤثر فيها القصة أو التدليل بالأشياء الواقعية هي الموضوعات المتعلقة بالإيمان ، تجد أحدهم يقص عليك معجزة ، أو يشبه لك الطبيعة أو يشير إلى عصفور فوق شجرة ، أو يريك شخص كان أعرج ... بعض الكنائس تضع كراسي متحركة في جوانبها ، و عندما تسأل ما هذا ؟ يقولون أنه لفلان ، لقد كان مشلولا و بمعجزة شُفِي ... و ربما تتركز المعلومة في رأسك ، و تتذكر مكان ما أو كنيسة ما بـ" مش دي الي فيها كراسي متحركة بتاعة ناس حصلهم معجزات ؟ " ... بل إن الأباء كلهم كانوا يردوا على البدع و الهرطقات بأمثلة مثل الشمس و الحديد المنير بعد تسخينه و ... إلخ .
و لكن مهما مر عليك من قصص قد تؤثر فيك و تستدر دموعك ، لن تكون أبدا مثل القصص التي تعيشها ، تشعر بداخلها بمرارة المشكلة بلسانك و ليس بأذنيك، تذوق فيها القلق و الحاجة و المعنى الحقيقي للمشكلة ، و هنا فقط تؤمن حقاً أن الله معك و لا يتركك .
عندما سألني صديقي قائلاً من تظن استفاد كثيرا في حادثة سير السيد المسيح على المياة ؟ فأجبت بلا تردد : بطرس ، فقد عاش الحدث ... و هنا تكون الدروس الحقيقية .. الدروس العملية .
ربما لم يتحسن إيماني كثيرا ، و لكن الفترة الماضية بالذات كنت قد وصلت لحالة لا أحبها ، ليس يأساً فقط بل هو يأس مع شعور بالعجز ، فتيأس من حل المشكلة و تعجز عن التصرف ، و لأنك عاجز عن التصرف ... يزيد يأسك .
ثم يأتي الله و كأنه يشير إلى كل مشكلة كتبتها في قائمة العقبات فتختفي، تختفي الأولى فتبدأ تشك بالثانية ، يخفي لك الثانية فتشك بالثالثة ، و ينتظر الله عليك لربما تقول لا لن أقلق و لن أشك ، و لكنك تفهم انتظار الله بعدا ، و تبدأ تشك أكثر و أكثر إلى أن يتدخل الله مرة أخرى، لعلك لا تشك بعد .
فقط أنهي حديثي بثلاثة فتية تمسكوا بعبادة الله دون الأوثان ثم حكم عليهم الأن بالرمي في الأتون ، أتخيل نفسي مكانهم ... حسنا ، بالتأكيد سوف ينقذني الرب ... يبدأ الجنود إحماء الأتون و يتسلل القلق إلى قلبي ، حسنا سوف ينقذني الرب ... يبدأ الجنود يموتون من شدة الأتون و أنا يداي أصبحتا مربوطتان ... ما هذا يا رب .. لم يكن هذا هو الإتفاق ، و لكن أعتقد أن الله تأنى حتى تكون المعجزة أعظم ، قد يتأنى الله عليك ليكون مجده أعظم و تكون العبرة أو الدرس أكثر فعالية ... قد يرضى الله أن يلقوا في الأتون و لكنه حنّان لا يترك أولاده حتى إن اضطر أن ينزل بنفسه ليحول الأتون لبردا و سلاما .
أعن يارب ضعف إيماني .
قلبك المحب
دعني أزاحم تلك الفكرة بفكرة أخرى ربما تزعجني و تزعجك ، ماذا لو قام هذا الشخص ، أو أحد هؤلاء الذين تحبهم لأقصى درجة بشيء يحزنك جداً ، يخطيء في حقك ، يتجاهلك ، يجعلك تشعر كأنك لا تهتم به على الإطلاق ، أوتعلم ؟ ماذا لو فعل ذلك أمام عينيك ؟
عندما يحدث هذا أفكر ، هل هذا هو جزاء الحب ، و التضحية و الاهتمام و المشاركة و المساندة ؟ كيف ... ؟ لو لم أكن أحبه لما حزنت على ما فعل و لكن محبتي له هي المشكلة ، كيف أكرهه الأن بعدما أحببته كل هذا الحب ؟
هل يحبني الله حقاً؟ إن قلت لا فلا تكمل تلك السطور ، و إن قلت نعم لنفكر الأن كيف يكون حال الله عندما نخطئ إليه ؟
و لكن هنا يظهر الرجاء ، فلأن محبة الله حقيقية ، فهو دوما يقبلنا ، مثلما تقبل أنت من تحبه حتى و لو صنع بك أشر الشرور لأن القلب الذي فعلا يحب يعجز عن الكراهية
حاشا لي أن أقارن محبة الله بمحبتنا و لكن أعتقد أن السبب الرئيسي لحث الله لنا أن نحب ، أن نشعر بمقدار الألم حينما نخطئ إليه ، الله يحبنا جدا ، ليهبنا أن نحبه قدرما نستطيع
جيكل أم هايد ؟
أبيض و أسود
و إذا نظرنا للموضوع كله بنظرة موضوعية لرأينا أن اللون الأسود ليس مذنبا في كوننا إتخذناه رمز الشر و الحزن و ... ، بل حتى لو كان مسئولا عن هذه الرموز فلا بد أن نحبه جداً و ليس ذلك فقط بل و نشكره أيضاً ... ، لست أحاول التلاعب بالألفاظ أو ما شابه و لكن لنفترض أن اللون الأسود هو عدوي ... لقد قيل أحبوا أعداؤكم ، فلا بد أن نحب اللون الأسود ، أما لماذا نشكره فدعونا نتأمل ببساطة .. ألست أستخدم أنا الأن اللون الأسود للكتابة ؟ إنه يوضح اللون الأبيض و يظهره ، و يمكننا قولها بشكل آخر .. لولا وجود اللون الأسود لما استطعنا رؤية اللون الأبيض ، أليس كذلك ؟ ... كثيرا ما نعترض على وجود الأسود .. الشر .. الحزن ، و كل هذه الأشياء و لكن تخيلوا معي .. لو لم يحزن الإنسان يوما فأنى له أن يعرف طعم الفرح ، و إذا لم يجرب الإنسان الشر و الظلم إذا وقعا عليه ، كيف يستطيع أن يميز فعل الخير و العدل و الرحمة و الحق و كل هذا ؟!!
إن المشكلة تكمن في أننا نمركز أنفسنا داخل الكرة الأرضية كي يدور حولنا كل الأشياء ، فإذا كان الأبيض سيريحني فأنا أحبه و أطلبه و أسعى في الحصول عليه ، و إن كان اللون الأسود يضرنا فلا نريده و نطرده من حياتنا للأبد ... أليس ذلك اعتداد بالذات ... إن الذي يلتصق بالله يراه في الأبيض في الحق و الخير و المحبة و الرحمة ، و ليس ذلك فقط .. بل يراه في الأسود ، إذا رأى الظلم يتذكر عدل الله و إذا رأي الغش يتذكر أمانة الله و إذا راي الأنانية يتذكر كيف أخلى الله ذاته ليفدينا على الصليب ، أوليس اللون الاسود يساعدنا على الشكر و التقرب لله ايضا ... ليتني أترك الأمور الكثيرة التي أهتم بها مثل وجود الأبيض و الأسود ... أترك الكل لأن الحاجة إلى واحد ... .
عناية و تسليم
أسباب محبتك ..
نحن نحب .. نشعر بهذا الشعور في داخلنا تجاه انسان ما ، ربما لأنه صديق ، ظريف ، لطيف ، متشابه معنا في الطباع و الأراء ، قوي ، جميل الشكل أو نحب الآخر لأنه يحبنا ، و الحب هنا يكون رد فعل لشيء معين ، فكر أو شكل أو مضمون أو أيا كان ، هو رد فعل .. و كما نعلم جميعا أن رد الفعل لا يكون ثابت أبدا فرد الفعل يعتمد كليا على الفعل ...
فلو أحببت فتاة لأنها جميلو أو رقيقة أو ... أو ... ، طالما هناك لأن فربما يحدث شيء يعكس رد فعلك هذا لشيء أخر .
و هناك محبة من نوع آخر ، هي الغير معتمدة على رد فعل ، فهي محبة غير مسببة و لذا فهي لا تنتهي بزوال السبب .. فالأب يحب ابنه لا لسبب ما ، يريد له الخير و يعطيه كل شيء بدون أي رد فعل و مهما حدث لا يتغير هذا الحب تجاه الابن .
بل هذه هي محبة الله لنا ، فبينما نحن نحب الله العطاء ، الطيب ، الحنون ... يحبنا الله حتى و نحن في أسوأ حالاتنا ، يحبنا محبة غير مسببة لا تؤثر فيها الأفعال و ردود الأفعال ...
ليتنا نحب الله محبة غير مسببة واثقين أن كل ما نمر به ، هو في النهاية لنفعنا .. فالله لا يصنع ما يضرنا أبداً .. فلنشكرك دوما يا صانع الخيرات
هذه الساعة
و يشكر الناس الله على أنه سترهم ، ستر عيوبهم و نقائصهم كما أنه ستر عليهم بستر العناية و منع الضرر و الألم و كل ما لا ترغبه النفس البشرية .
كما يشكر الناس الله لأنه أعانهم ، و هنا يعترف الناس بصراحة و تأكيد أن كل ما يصنعونه هو بمعونة إلهية صافية ، أعمالهم و إنجازاتهم و كل ما لهم هو معونة إلهية بدونها يصبحون لا شيء مما يعني بداية لإتضاع حقيقي يجر خلفه الكثير من الفضائل ...
و حفظنا ... إن الحفظ في مفهومنا البشري يعني إلتصاق الشيء في عقولنا و عدم نسيانه ، أو حفظ الشيء لقيمته لئلا يفسد أو يتغير أو يصبح عديم القيمة ، فالله يتذكر الجميع و لا ينسى أحد البتة ، كما يقول لي صديقي عن تأمل سمعه ، أنك لو اتيحت لك الفرصة لتشاهد ثلاجة الله ... ستجده قد وضع صورتك عليها ..!!
ربما يكون من السهل أن تغفر لأحد أخطأ إليك ، و لكنك تظل متحفظا قليلا من جهة من أخطأ إليك ربما خوفا من أن يخطيء إليك ثانية و ربما أنك غفرت له غفرانا ناقصا فقط ليستريح ضميرك من ناحيته ، و لكن مرحلة ما بعد الغفران هي مرحلة القبول ، فتقبل من أخطأ إليك كلية و كأنه لم يخطيء إليك من الأساس ، تنزع من قلبك تماما تلك النقطة السوداء التي خلفها هذا الموقف .. و هذا ما نشكر الله عليه دوما لأنه يصنعه معنا ... يقبلنا إليه بكل خطايانا .
لا يمكنك أن ترى شخص متماسك و قوي الشكيمة ، و تشفق عليه ، فالشفقة شعور يتولد بداخلنا نحو من هو ضعيف و فاقد القدرة ربما تماما ، و يأتي هنا اشفاق الله لنا في مكانه تماما و بدقة ، فالذي يقف أمام الله ليخبره أنه ضعيف ولا يفعل أي شيء و كل الفضل لله في أنه مازال هناك ، يشفق عليه الله و يحتضنه بقوة ، يظلل عليه بجناحيه ، إن من يطلب اشفاق الله .. لا بد أن يكون حقا ضعيفا و بالتالي يحتاج التعضيد و المعونة .
و لست أدري لماذا لا تحظى هذه العبارة بالاهتمام الكافي ... ربما لأنها نهاية سلسلة من الأفعال و الانتقال لشيء أخر أو ربما لأننا لا نقدر قيمة معناها ...و أتيت بنا إلى هذه الساعة ... ربما هو شكر ضمني على سماح الله بالوقوف أمامه و أنه حرك فينا الإرادة لنصلي ، و لكن المعنى الحقيقي الواضح هو شكر الله على وجودنا حتى الآن ، إنه يمد عمرنا و يهبنا الوقت .. شكرا لإلهنا على الحياة ، و العجيب في هذا الموضوع أن هذه العبارة لو استبدلت بـ "و أحييتنا" مثلا لن تفرق الكثير فالمشكلة ليست في عدم وضوحها و لكن المشكلة أننا كثيرا ما لا تعجبنا حياتنا لأنها ربما مملؤة بالألم أو الصعوبات .. أو تشكر على شيء تراه مؤلم ؟! ...
إن العديد من المفاهيم البشرية غير واضح و يتم تفسيره اجتهاديا حسب فهم بشري محدود ينتج عنه مفهوم خاطئ تماما و ربما معاكس لما يبدو عليه و لكن عندما نترك عقولنا لله ليضع فيها المفاهيم الصحيحة نصل إلى مفهوم إلهي حقيقي واعٍ لا يشوبه أي خطأ و هذا ما اعتمد عليه الآباء .
يرى هذا الأب ببساطة عجيبة تحمل معنى معقد جدا ، أن أهداف الحياة تتمثل في عبور بعض الاختبارات بالنسبة لبعض الاأشخاص يسمح الله بوجودها في حياتهم ليجتازوها بنجاح ، و هل هناك معنى لكلمة النجاح بدون اختبارات ؟
و عندما يرى الله أن ذلك الانسان قد اجتاز الاختبارات بنجاح أيا كان سنه أو مركزه يأخذه إليه فقد حقق الهدف المرجو ، إذن حياتنا هي اختبارات نمر بها و يمدنا الله بكل الأدوات اللازمة لكي ننجح بتفوق و لكن لا بد أن يكون النجاح هو هدفنا .. لا أحد يحب الاختبارات و لكن لذة النجاح تلاشي ألم الاختبار ، إن حياتنا هي هدية من الله ، قد لا نكون سعداء من وجهة نظرنا ، قد نريد انهاء حياتنا ، أو نكره العيش تحت ضغط و لكن النظر للهدف و الإتكال على معونة الله هي كلمة السر للحصول على الدرجات النهائية .
لنشكر الله على حياتنا و نخبره أننا حتى لو تعبنا في الاختبارات فنحن نعلم أنه هناك يشجعنا و يقوينا و يده تحفظنا .نشكرك يارب لأنك أعطيت لنا الحياة ، لأنك أتيت بنا إلى هذه الساعة .
عيد الميلاد العجيب
انتهى يوم العمل كأي يوم آخر و لأني لا استمتع بطعم و سعر أكل الفنادق فقد قررت أن أحصل على غذائي قبل أن أتوجه للفندق ، في الطريق لاحظت أن الجو هنا مختلف فهو بارد قليلا .. كم أحب ذلك الشعور عندما يداعب الهواء البارد أنفك و أطراف يديك فيسبب لك الانتعاش ... حصلت على وجبة غذاء مناسبة للعيد هي سندوتش برجر وبطاطس و مياة غازية بيضاء اللون .. توجهت للفندق و جلست أقرأ قليلا أو أحاول أن انتقي ما اشاهده في التليفزيون فقد بت غير معتادا عليه .. لا أعرف أحداً في هذه البلدة و الجو غير مشجع على النزول ، تساءلت مرة أخرى .. أليس اليوم هو العيد ؟ لا بد أنهم يبثون القداس على قناة من قنوات مصر فقد كان هذا ما يحدث إن لم أكن مخطئا فلم اتابع منذ عدة سنوات .
وجدت القناة الفضائية المصرية و لكنها كانت تعرض فيلم غير مشهور و ربما لم يلاقي نجاح مبهر هو فيلم "فيلم هندي" ، ببساطة هو بطولة مشتركة بين سيد الحلاق و عاطف الموظف ، كلاهما لديه خطيبة و كلاهما يبحث عن شقة ، الصدفة تجمع كلاهما على نفس الشقة و تبدأ عقدة القصة .. من يتنازل للآخر ، سيد لا يريد فقدان صديقه و عاطف حزين لأن خطيبته لا تكف عن الزّن ... يتنازل سيد ، تغضب خطيبته و تتزوج من آخر ، عاطف يرى أن بالرغم من كل ما فعله سيد فهي لا زالت تهدد و تتشبث برأيها فتركها ... و عاد الاثنان عزاب اصدقاء . الفيلم يود أن يقول من الأفضل .. المضحي أم الذي يحصل على حقه ؟ ينتهي الفيلم بعاطف يسأل سيد : "بقى في حد يضحي بشقة و عروسة و ما يكسبش حاجة ؟" فيرد عليه سيد : "أنا كسبت صاحبي .. كسبتك أنت .. أنت صاحبي من 30 سنة و مش هعرف ألاقي زيك" .. لقد ضحى سيد من أجل محبته لعاطف .. ليربحه .
و هنا فقط أحسست بأن اليوم هو عيد الميلاد العجيب ، عجيب أن الله يضحي بكل مجده و بهائه و عظمته ، و يترك كل هذا من أجل محبته لنا .. ليربحنا .. قد يصعب علينا فهم ما فعله الله و كثيرا ما نعترض ، كيف يكون الله بشرا ، كيف يرتدي جسد الذل و الخطية .. إنها محبته لنا .. كيف يرضى أن يترك مجده .. محبته لنا ... لماذا؟ .. من أجلي و من أجلك .. أشكرك يا رب على رعايتك و محبتك و تضحيتك الغير متناهية .. من أجلي .. في عيد الميلاد العجيب
للعلماء فقط .. آلة الزمن
بعد لحظات قمت من السرير و تحركت نحو الباب لأخرج ، و إذا بكل الأنوار مطفأة و الظلام الدامس هو سيد الموقف ، كل أبواب الحجرات مغلقة ؟؟
ذكريات البغل المتين
خدني ميشو عشان نتغدى في راحة الغدا ،أصل مكان شغله مش بعيد عن مكان شغلي ، و في النص بينهم تقريبا في مطعم لبناني اسمه "الروشة" بفتح الراء و سكون الواو و فتح الشين ، و قبل ما حد يسألني معرفش يعني ايه بس أهو بيبيع سندوتشات صيامي ، بأخد أنا بطاطس معظم الوقت و فلافل لما يكون في – أصلها عملة نادرة هنا أوي – أما ميشو فبيحب القرنبيط المحمر أوي ، تدخل للراجل بكل ثقة تقوله عاوز سندوتش زهرة ، يمكن عشان القرنبيط شبه الزهرة ؟ يمكن!
مش عارف ليه النهاردة افتكرت محل في بلدي اسمه البغل و يمكن اسمه مضحك أو غريب ، بس كان بيعمل فول و طعمية و قريب من البيت و الكنيسة ، فكنا دايما نعدي عليه و احنا مروحين .. جه في بالي النهاردة ذكريات كتيرة أوي متعلقة بحيوان واحد .. أقصد حاجة واحدة .. "البغل" إليكم بعضها :
لما أكون راجع البيت و يكلموني يقولولي أجيب سندوتشات للغدا أو العشا في البيت مكنتش بتتكرر كتير يمكن في أواخر الصيامات مثلا و ماما تقولنا انا و بابا و اختي بالذمة مش اللي أنا بعملهم أحسن ؟ و طبعا كنا لازم نوافق و بصراحة كان بيبقى عندها حق
لما أكون مروح مع المهندس بطرس و ماجد و حد يقترح الفكرة أننا نعدي فنقوم قاعدين كلنا في الجنينة اللي في نص الشارع و ناكل و نتكلم و اقعد أكل و أنا مستمتع بالسندوتشات و الحديث بتاعهم و خبراتهم الشيقة الكتيرة أوي
لما كان يعدي عليا بولا هاني و أنا مكتئب و مربي دقني و يقوللي انزل يلا أقوله لأ و بعدين في الأخر انزل و رجلينا تاخدنا لهناك و اقعد اتخانق معاه مين اللي يدفع و كان دايما يطلب فول بس عشان مبيحبش الطعمية
لما كنا نخرج كلنا يوم الجمعة بعد ما نروح العيال الصغيرين و نتقابل عشان نتغدى هناك بيتر و روبرت و جورج وهيب و جورج فهيم و مينا ماهر و مارك و بيترسامي و جوزيف و أندرو و ميشو بهيج و مينا نشأت و ناس تانية كمان ، و كنا بنفرح لما بييجي رمضان عشان البغل بيقفل طول الشهر فكنا بنكمل العادة في بيت أي واحد من الشلة نتغدى عنده كلنا و احنا ميتين على نفسنا من الكسوف و الضحك ، و انضم لينا ماجد الحبّوب
لما كنا نخرج بالليل كلنا نقف عند الباشا (بقالة جنب البغل) و نبعت واحد ضحية يجيب السندوتشات المخصوص و نقعد نتكلم و نضحك و نروح البيت الساعة 2 باليل ولا حاجة كلنا مبسوطين أوي و كان يكون معانا ماركو و مايكلو ميشو عماد و فرهدة و مينا بشرى و نادر محفوظ و بيتر ممدوح و ساعات جون فؤاد و ناس كتيرة أوي كلهم بحبهم أوي و واحشيني أوي
لما كنت أروح مع المهندس بطرس و يكون معانا دكتور باسم صلاح أو دكتور باسم بشرى أو مهندس أكمل و كنت بستمتع بوجودي معاهم أوي و هما كلهم كبار و أنا لسه حتت عيل
لما كنت أروح مع جون و فادي حليم و ماجد و بعدها ناكل ايس كريم من الفيومي و يقعدوا يتكلمو عن الافكار الجديدة اللي ممكن تتنفذ و تتعمل عشان الولاد الصغيرة تفرح أكتر
لما كنا دايما في الطريق للبغل نتكلم على السندوتشات بتاعته و اد ايه هي مش نضيفة و ازاي بيعملها و ازاي بتجيب أمراض و فاكرين فلان لما أكل و جاله مش عارف ايه و لما كنا نحاول نقنع بيتر سامي انه الفلوس الزيادة الي بنديها للراجل عشان يتوصي دي مش رشوة و في الأخر نكمل كلامنا و كل واحد ف ايده سندوتش من البغل
**********وحشتوني جداً ********
بندق
عام جديد
عام مضى .. و آخر جديد قارب على المجئ في ساعات قليلة ، و كأن الأعوام تجار يتبدلون ، كل واحد فيهم يعرض ما لديه .. أحيانا قد تكون لك الفرصة لتختار من بضاعته ( أحداثه ) و أحيانا تكون هدايا لا ترد لأنك لا يمكنك رفضها أو استبدالها .
هل كان العام الذي مضى سعيدا كما تمنيناه لبعضنا منذ 365 يوم ؟ أم لم تتحقق أمانينا ، أم تحققت أماني البعض و الآخر مازال يتمنى راجيا أن تتحقق أماله يوما ما ...
على كل حال قد مضى و ما بقي لنا إلا أن نحاول أن نحسن من عامنا القادم – إن كان بيدنا – فما مضى لا يعود ، نأمل سويا أن يمضي بأحزانه و تستمر أفراحه .. الأفراح الحقيقية و ليست التي نتوهم أنها كذلك ..
أرجو أن يكون عاما الجميع فيه لله أقرب .. و المحبة بين الناس أكثر انتشاراً .. و السلام فيه هو سيد كل موقف .. و العلم أكثر قدرة على هزيمة الأمراض المستعصية .. و الأطفال أكثر بهجة و براءة .. و الشباب فيه أكثر إيمانا .. و الشيوخ أكثر كرامة ...
أحلم بعام جديد مملؤ بالمحبة و الفرح و السلام و طول الأناة و اللطف و الصلاح و الإيمان و الوداعة و التعفف .. كلهم يملأون الحياة حتى أخرها فلا يتبقى أي مكان لشئ شرير أو حزين أو مؤلم ...
فادي