العقل العنيف

الأن فقط يارب عرفت كم أنا عنيف ... كثيرا ما أميل إلى استخدام العضلات ، لست أقصد عضلات يداي أو رجلاي ، و لكنني أقصد عضلات عقلي و فكري ، ليس هذا غريبا و لكنه الواقع ... فلماذا أفكر أنا في الكثير من الأشياء التي تشغل فكري و لماذا استخدم عقلي في الكثير من الحسابات و كل هذا بدون داع ، مالي أنا و الآخرين و تصرفاتهم و كأنني مسئول عنهم أو سوف أُسأل عما يفعلون من خير أو شر
بل مالي أنا و نفسي !!! قد أفكر في مستقبلي و هو في يدي الله ، و قد أفكر في الزواج أو الرهبنة و كلاهما طريقتان للسير في الطريق .. المهم هو الطريق أي الله و ليس الطريقة ، قد أفكر في من سوف أرتبط بها مع أن الذي جمعه الله لا يفرقه الإنسان ، و قد افكر فيما سوف أعمله لأكسب قوتي بالرغم من أنه يقوت كل العصافير دون أن تتعب و قد صرح لي بأني أفضل من عصافير كثيرة ... كل هذه الأشياء التافهة لن تكون بمثابة فرقاً ، فكلها طرائق و ليست طرق ثابتة صخرية توصلني للهدف ... السماء .
كل الأشياء السابقة يمكن استبدالها فطريقة الحياة لا تؤثر ، إذا اتخذ شخصان طريق واحد و لكنهما اختلفا في طريقة السير فامتطى أحدهم حصان و الأخر دراجة فما الفارق ؟ كلاهما سوف يوّصلان طالما الطريق صحيح ، و لكن العكس .... ليس صحيحاً ."أنا هو الطريق و الحق و الحياة " (يو 6:14) .

قوية كالموت

... حقاً هو أمر غريب ، كلما سألت نفسي هذا السؤال لوجدت نفس الإجابة التي تحطم دائماً كل المقاييس التي يعرفها الناس
لماذا خلق الله الإنسان ؟
لن أجاوب بسرعة و بشيئ من الديكتاتورية و لكن دعني أفكر معك بشيء من الصوت العالي ... هب أنك ذاهب في رحلة و قد تسنى لك معرفة أن الرحلة سوف تتأخر عن موعدها و سيتعطل الأتوبيس و ربما يستوجب ذلك وقوفك في الشارع و أيضا رجوع الرحلة دون تحقيق الهدف ... .ألا ترى أنك دون تفكير سوف تتخذ قرار إلغاء ذهابك في تلك الرحلة المؤلمة ؟ ذلك إن لم تقرر إلغاء ذهابك في أي رحلة أخرى
إن هذا فعلا ما حدث و ربما أكثر ، فقبل أن يخلق الله الإنسان - ذلك الكائن المزعج - كان يعلم أنه لن يطع وصاياه و سيسقط و سيؤدي ذلك بالله أن يتجسد و يجربه عدو الخير و يأخذه من خلقهم على حافة الجبل ، بل أنه سوف يتألم آلام نفسية و جسدية لا يحتملها أي أحد ... كل هذا و قرر الله أن يخلق الإنسان !! و لسنا نتحدث هنا عن خلقة عادية بل مملؤة بأشياء لا يستحقها البشر ، كلما أمعنت في قراءة الجزء الأول من التحليل الثاني لصلاة باكر تعجبت أكثر فيقول :"المشرق شمسه على الأبرار و الأشرار" فرغم شر البشر ، الله لا يمنع عنهم ضوء الشمس و يستمتعوا به كالأبرار ... ما هذه المحبة العجيبة ، نعم ... فلا يمكنك تفسير ذلك إلا بالمحبة الغير محدودة الصادرة عن الإله الغير محدود .. إنها محبة لا و لن تنتهي أبداً و لن تقل ، و لكن بماذا نرد نحن على تلك المحبة .. بآلام و جلدات و مسامير و أشواك و حربة .. ترى أهذا هو الجزاء المناسب ، مهما تحدثنا عن ذلك السؤال - لماذا خلقنا الله ؟ - لن نجد إجابة أكثر إقناعاً من المحبة .. المحبة الصادرة من الله ، حقاً استحقت هذه المحبة أن نصفها أنها قوية كالموت .
فبراير 2005