ثلاثة حروف فقط

"و خلع يوناثان الجبة التي عليه و أعطاها لداود مع ثيابه و سيفه و قوسه و منطقته" (1صم 18 : 4)
في المكان المخصص لوقوف سيارات الأجرة ، وقفت بعد يوم عمل طويل و من أكثر الاشياء التي وددتها أن اكون في البيت عندما أغمض عيني و أفتحهما مرة أخرى ، و العادة دائما أن الأسرع هو الأقدر فلو جئت أولا ولكن وقف التاكسي بالصدفة عند من جاء بعدك فنادرا ما يتركه لك ، لذا فمن الطبيعي أن يهرع الكل بمجرد وصول أي تاكسي فلربما يكون الأقرب ، إلا هذه السيدة ... هي في الثلاثينيات من عمرها ممسكة بيدها اليمنى طفل ربما في الخامسة من عمره ، واقف كليهما في هدوء شديد لا يهرعان مثل الباقين .. و كأنها واثقة أن الله سوف يرسل لها التاكسي في الوقت المناسب
إذن فهي الثقة التي تجعلنا نأمن للآخرين مثلما فعل يوناثان ، و نأمن حتى لله مثلما فعلت هذه السيدة ... هي كلمة صغيرة و لكنها تحمل الكثير من المعاني ، فالكثير من العلاقات لا يمكن أن تبنى إلا على الثقة وحدها ، حتى تصل الثقة إلى أقصى درجاتها في علاقتنا مع الله ... فيتغير اسمها و تدعى الإيمان
لذا فـ "الايمان هو الثقة بما يرجى و الإيقان بأمور لا ترى" (عبرانيين 11 : 1)
أول صفة من صفات هذه الثقة المؤمنة أنها راجية و الرجاء هو الانتظار في تطلع لتحسن المستقبل و قد يدعوه البعض الصبر و الصبر هو من أصعب الأشياء التي قد يحتملها الانسان لأنه يحتاج للكثير من الوقت لتعلمه ، هو ذاته يحتاج صبرا حتى تتعلمه ، و ربما لذلك لا يكون قانون الراهب الجديد قويا ، حتى يتعلم أن ما ياتي سريعا يذهب سريعا فيتعلم الصبر الذي قال عنه الله " بصبركم اقتنوا انفسكم" (لو 20 : 19)
و أما الصفة الثانية من صفات الإيمان فهي الإيقان بأمور لا ترى و بذلك يكون الإيمان في مفهومنا ثقة عمياء بالله ، فبينما لا بد الا نتعجل في الثقة بالبشر ، لا بد أن تكون ثقتنا بالله عمياء لأننا لا بد أن نثق تماما أنه يعمل لصالحنا و أن " كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله " (رو 8 : 28)
هي ثقة حتى بدون أسئلة ، لا تسأل الله لماذا فعلت أو ما هي حكمتك بل قل له أنا واثق أنك تفعل لخيري ولا تظن أنك قد تكون مصيبا أو مخطئا لأنك تثق بالله " القادر أن يفعل فوق كل شيء أكثر جدا مما نطلب أو نفتكر " لذا فإن وثقت به فأنت دائما في حمايته .. دائما مصيب هب لنا يارب ان نؤمن بك و نثق فيك و نشكرك على كل حال ، هب لنا يارب أن نثق بسماحك للضيقات في حياتنا ، هب لنا يارب ألا نحاول أن نرى ماذا تفعل ، فثقتنا فيك ثقة عمياء
بندق

حكمة المخافة

هل جربت يوما ما الشعور الذي يخشاه الجميع و يتفادونه ؟ هل جربت من قبل الخوف ؟ لا لا .. لست أقصد أفلام الرعب و قلق الامتحانات و ألعاب الملاهي ، و لكني أقصد الخوف الحقيقي ، هل تعرضت لإحتمال الغرق ؟ أو لسطو مسلح و هناك سلاح موجها نحوك ؟ أو بحيوان مفترس بالقرب منك ؟ إنه شعور حقيقي يسمى الخوف ، موجود في حياتك إلى أن تستبدله بآخر ... تستبدله بالمخافة
لقد كانت الآية واضحة و صريحة .. قمة الحكمة هي مخافة الله .. فكرت قليلا محاولا ربط الخوف بالمخافة فوجدت ما أفعله سخافة ، أمعقول أن الحكمة تكون الخوف من الله ؟ الخوف ؟ هذا الشعور الذي يكرهه الجميع ، بل و يكون مصدره الله !! .. و كيف يكون مصدر الخوف و السلام سويا ؟ إذن أكيد ليس المقصود بمخافة الله الخوف من الله
إذن ما هي قمة الحكمة التي تتمثل في مخافة الله ؟ هذا ما دار في ذهني محاولا أن أرى كيف عاش القديسون مخافة الله فوجدت أنهم ترجموا مخافة الله إلى الخوف على الله و ليس منه ، فقد كانو يخافون أن يخطئوا فتسبب خطيتهم حزن لله ، آلام ، صليب .. دماء . لقد أحبوا الله جدا و خافوا أن يحزنوه فابتعدوا عن الخطايا و من هنا صارو قديسين لأنهم التصقوا بالقدوس
الآن ، علاقة الله بي هل هي خوف على مشاعره ؟ هل أتمنى دوما أن أراه مبتسما ؟ هل أطمئن دوما عليه ؟ هل أتحدث إليه و أسأله هل هو سعيد أم أني فعلت شيئا أحزنه .. كيف حالك يا رب ؟ هل أنت مبسوط ؟ ابعدني عن الشر يارب و خد بالك من نفسك و خليني دايما أخاف على زعلك عشان تكون دايما مبسوط
بندق