الإعجاب .. الحب .. الله

بينما يتبارى الناس و العلماء في تنظيم الأمور و النظريات ، و و ضع طريقة و شكل لكل شيء حتى تكمل كل منظومة الأخرى لتشكيل منظومة كبيرة تحتوى على كل شيء ، كان هناك من فعل ذلك و يفعله الآن و سوف يفعله لاحقاً ، الله ، ضابط الكل
الإعجاب هو مفتاح لكل شيء ، هو محرك قوي و غريب للمشاعر و العقول و يكاد يكون هو المحرك الأساسي للجنس البشري و التقدم الفكري لديه
أعجب الإنسان بفكرة الطيران عندما رآها عند الطيور ، و لم يهدأ حتى استطاع الطيران ، كذلك الحال مع الفضاء و النجوم
يعجب الشخص بشيء ما فيشتريه ، ربما كتاب أو قميص أو أي شيء ، كل الفكرة بدأت عندما أعجبت بهذا الشيء
و عندما ينمو الإعجاب و يتطور و يشتد ، يصل إلى مرحلة الحب ، فنعجب بالشخص لسبب ما ، و لكننا نجد سبباً آخر و سبب ثالث ،ورابع ، و نتنازل عن العيوب من أجل المزايا التي تجعل عيوب من نحبه و نكن له الإعجاب الشديد لا يستقبل منا سوى الحب ، الذي ربما قد يصل للهوس
ووسط كل هذا ، ينظر الله إلينا متعجباً مما نفعل ، كأب يشاهد طفله و هو مستغرباً ما يفعله ... إن كنا نكن كل هذا الإعجاب للأشخاص و الأشياء ، فلماذا لا نعجب بالله ؟
إن كنا نحب الناس بالرغم من عيوبهم و نتغاضى عنها ، لماذا يا نفسي لا تحبين الذي بلا عيب ، الذي تتوافر فيه كل الصفات الحلوة .. لماذا لا يتكون لدينا هوس الله ... مثل هوس السيارات و المطربين و الملاهي و .. و .. و .. إلخ
"يارب انت تعلم كل شيء ، أنت تعلم أني أحبك "

الوردة أم السبورة

بينما انهمكت حبيبتي في اختيار افضل ثمار الطماطم و الخيار للخزين الاسبوعي ، وقفت أنا مستندا على عربة التسوق في البقالة الكبيرة أو كما يدعوها الناس ، السوبر ماركت


وقفت أشاهد من حولي و ما حولي ، الكثير من الأرفف و المنتجات و الكثير من الناس منهم من يشاهد و من يشتري و على رأي القائل ، اللي ما يشتري يتفرج


ووسط كل هذا لفت نظري رجل يتجول مع ثلاثة بنات صغيرات ، أعجبتني الفكرة ، فعادة الرجل الشرقي يظن أن دوره الوحيد هو دفع المال ، و لكن الرجل كان يتجول مع بناته أو ربما بنات أخيه ، أو ... أو ... ، ليس هذا المهم


وقفوا أربعتهم بقرب مكان أدوات الزراعة و لفت نظر البنات بعض الورد الملون الصناعي ، انتقت الكبرى مجموعة من الورود ، و الوسطى كذلك ، و بينما iمت الصغرى أن تقلدهم ، ربما بدافع الاعجاب بالورود أو الثقة في رأي أختيها ، قال لها الرجل ، لا ، فقد اخترت قبلا السبورة ، و هنا ترددت البنت قليلا خاصة حين أكمل ، عليكي أن تختاري بين الورد و السبورة ، فلو أخذتي الورد سنرجع السبورة مكانها .


كشخص ناضج كنت أفكر فيما سوف تفعله الصغيرة ، لو كنت مكانها لإخترت السبورة فوراً ، فسوف ألعب و اشخبط و امسح و أكتب مرة أخرى ، ماذا سأفعل بالوردة ؟!!


و لكن عندما هدمت الفتاة أحلامي السبورية و اختارت وردة واحدة ، حتى حينما أكد عليها الرجل أن ذلك يعني بكل وضوح أنه لا سبورة ، أومأت برأسها موافقة بينما هو يحاول إخفاء ابتسامته لاستسلامها و عدم استيعاب عقلها الصغير لفكرة واضح أنها تملكت عليها ... و لماذا لا آخذ كل شيء ؟!


لن أدخل في تفاصيل هذا الموقف التربوي العميق الذي كدت أصفق له وسط السوبر ماركت و لكنني توقفت منعا للفضائح

و لكن اذا فكرت قليلا بعيدا عن ذلك ، فبكل المقاييس التي ربما لم تضعها هذه الفتاة في الحسبان ، كان اختيارها هو حقا الافضل


ترمز الوردة إلى الطبيعة .. السكون .. حلو الرائحة .. العطاء .. تشبع الروح و كل ما هو معنوي


و ترمز السبورة إلى العلم .. الفروض المدرسية .. كثرة التفكير .. النظريات .. تشبع الفكر ، و كل ما هو مادي


و قد أثبتت الفتيات أن الله يخلقنا كالفراشات تماما ، نبحث عن الزهور و الورود و الألوان .. نبحث عن اشباع الروح ، و لكن رويدا رويدا تنمو فينا المادة و تمسك بزمام الأمور


إذا فكرت أنني أويد التخلف و عدم التعليم ، فتخيل نفسك في بيت ريفي محاط بالزروع في كل مكان ، أو في بناية عملاقة محاطة بمثيلاتها ، تأتيك هدية وردة حمراء من حبيبتك أو قلم فاخر من النوع باركر ، تقف في سكون تتحدث إلى خالقك و تشعر بشعور داخلي لا يضاهى أو تلقي كلمة في اجتماع عمل مضغوط .. أيهما تفضل


فقط و أنت تبحث عن طعام فكرك و جسدك ، لا تنس الروح