هذه الساعة

في كل صباح و في كل وقت نتعلم أن نشكر الله .. فالشكر هو أساس كل ما نحن فيه من نعم ، و الحقيقة أن الله لا يحتاج منا أي شكر أو تسبيح و لا من أي أحد فهو لا يحتاج شيئا في الأساس ، و لكن شكرنا لله هو شيء من التواصل ، فالله الذي تغلبه محبته لنا يفرح جدا عندما نتحدث إليه و نشكره و نشكي له ، و لكن صلاة الشكر تعتبر من أهم الصلوات لأنها رد فعل طبيعي لله الذي الذي يعطي الخير فقط و يستمر بالعطاء ...
و يشكر الناس الله على أنه سترهم ، ستر عيوبهم و نقائصهم كما أنه ستر عليهم بستر العناية و منع الضرر و الألم و كل ما لا ترغبه النفس البشرية .
كما يشكر الناس الله لأنه أعانهم ، و هنا يعترف الناس بصراحة و تأكيد أن كل ما يصنعونه هو بمعونة إلهية صافية ، أعمالهم و إنجازاتهم و كل ما لهم هو معونة إلهية بدونها يصبحون لا شيء مما يعني بداية لإتضاع حقيقي يجر خلفه الكثير من الفضائل ...
و حفظنا ... إن الحفظ في مفهومنا البشري يعني إلتصاق الشيء في عقولنا و عدم نسيانه ، أو حفظ الشيء لقيمته لئلا يفسد أو يتغير أو يصبح عديم القيمة ، فالله يتذكر الجميع و لا ينسى أحد البتة ، كما يقول لي صديقي عن تأمل سمعه ، أنك لو اتيحت لك الفرصة لتشاهد ثلاجة الله ... ستجده قد وضع صورتك عليها ..!!
ربما يكون من السهل أن تغفر لأحد أخطأ إليك ، و لكنك تظل متحفظا قليلا من جهة من أخطأ إليك ربما خوفا من أن يخطيء إليك ثانية و ربما أنك غفرت له غفرانا ناقصا فقط ليستريح ضميرك من ناحيته ، و لكن مرحلة ما بعد الغفران هي مرحلة القبول ، فتقبل من أخطأ إليك كلية و كأنه لم يخطيء إليك من الأساس ، تنزع من قلبك تماما تلك النقطة السوداء التي خلفها هذا الموقف .. و هذا ما نشكر الله عليه دوما لأنه يصنعه معنا ... يقبلنا إليه بكل خطايانا .
لا يمكنك أن ترى شخص متماسك و قوي الشكيمة ، و تشفق عليه ، فالشفقة شعور يتولد بداخلنا نحو من هو ضعيف و فاقد القدرة ربما تماما ، و يأتي هنا اشفاق الله لنا في مكانه تماما و بدقة ، فالذي يقف أمام الله ليخبره أنه ضعيف ولا يفعل أي شيء و كل الفضل لله في أنه مازال هناك ، يشفق عليه الله و يحتضنه بقوة ، يظلل عليه بجناحيه ، إن من يطلب اشفاق الله .. لا بد أن يكون حقا ضعيفا و بالتالي يحتاج التعضيد و المعونة .
و لست أدري لماذا لا تحظى هذه العبارة بالاهتمام الكافي ... ربما لأنها نهاية سلسلة من الأفعال و الانتقال لشيء أخر أو ربما لأننا لا نقدر قيمة معناها ...و أتيت بنا إلى هذه الساعة ... ربما هو شكر ضمني على سماح الله بالوقوف أمامه و أنه حرك فينا الإرادة لنصلي ، و لكن المعنى الحقيقي الواضح هو شكر الله على وجودنا حتى الآن ، إنه يمد عمرنا و يهبنا الوقت .. شكرا لإلهنا على الحياة ، و العجيب في هذا الموضوع أن هذه العبارة لو استبدلت بـ "و أحييتنا" مثلا لن تفرق الكثير فالمشكلة ليست في عدم وضوحها و لكن المشكلة أننا كثيرا ما لا تعجبنا حياتنا لأنها ربما مملؤة بالألم أو الصعوبات .. أو تشكر على شيء تراه مؤلم ؟! ...
إن العديد من المفاهيم البشرية غير واضح و يتم تفسيره اجتهاديا حسب فهم بشري محدود ينتج عنه مفهوم خاطئ تماما و ربما معاكس لما يبدو عليه و لكن عندما نترك عقولنا لله ليضع فيها المفاهيم الصحيحة نصل إلى مفهوم إلهي حقيقي واعٍ لا يشوبه أي خطأ و هذا ما اعتمد عليه الآباء .
يرى هذا الأب ببساطة عجيبة تحمل معنى معقد جدا ، أن أهداف الحياة تتمثل في عبور بعض الاختبارات بالنسبة لبعض الاأشخاص يسمح الله بوجودها في حياتهم ليجتازوها بنجاح ، و هل هناك معنى لكلمة النجاح بدون اختبارات ؟
و عندما يرى الله أن ذلك الانسان قد اجتاز الاختبارات بنجاح أيا كان سنه أو مركزه يأخذه إليه فقد حقق الهدف المرجو ، إذن حياتنا هي اختبارات نمر بها و يمدنا الله بكل الأدوات اللازمة لكي ننجح بتفوق و لكن لا بد أن يكون النجاح هو هدفنا .. لا أحد يحب الاختبارات و لكن لذة النجاح تلاشي ألم الاختبار ، إن حياتنا هي هدية من الله ، قد لا نكون سعداء من وجهة نظرنا ، قد نريد انهاء حياتنا ، أو نكره العيش تحت ضغط و لكن النظر للهدف و الإتكال على معونة الله هي كلمة السر للحصول على الدرجات النهائية .
لنشكر الله على حياتنا و نخبره أننا حتى لو تعبنا في الاختبارات فنحن نعلم أنه هناك يشجعنا و يقوينا و يده تحفظنا .نشكرك يارب لأنك أعطيت لنا الحياة ، لأنك أتيت بنا إلى هذه الساعة .