من ينتصر .. من يبدأ ؟ ومن يستمر ؟

لقد كان يوم ذو بداية عادية نوعا ما .. و مر نصفه كذلك أيضا و لكن الكثير من الأمور لا يبقى على حاله ... فتجمعت الغيوم و حجبت نور الشمس لكثرتها و تجمعها ، ثم بدات تسقط الأمطار لفترة لا تقل عن النصف ساعة و لا تزيد عن الساعة ، و بعد ذلك لاحت الشمس مرة أخرى في شكل قرص ذهبي متماسك بشكل جميل تخرج منه الألوان البرتقالية و الصفراء بينما ذهبت السحب عن الشمس يميناً و يسارا و كأنها تبتعد منحنية في أعتراف صريح أنها قد انتهت بينما الشمس مازالت باقية .
و لأن عيد القيامة المجيد كان في الأيام الماضية فقد تذكرت آخر أسابيع الصوم .. اسبوع الآلام ، هذا الأسبوع العظيم الذي ينتهي بأليق نهاية ممكنة هي تذكار قيامة السيد المسيح له المجد ، و قد ذكرني ذاك اليوم بهذا الأسبوع الذي بدأ بداية مشرقة جدا و ظلت تتجمع الغيوم و السحب و وصلت إلى أقصاها يوم الجمعة الحزينة عندما مات المسيح لأجل كل الخطاة و اختفت الشمس تماماً و حلت الظلمة و لكن بعد فترة عاد المسيح بكامل مجده مشرقا أكثر من قبل السحب .. و انسحبت الغيوم معلنة خضوعها لملك المجد
بل أوليست هذه هي حياتنا تكون مستقرة و ينيرها شمس البر إلى أن تتسرب إليها غيوم الخطية التي تغمض عيني الانسان عن شمس حياتنا و أساسها .. الله المحب ، و هنا لابد أن ينهزم الشر و ينتصر رب المجد و يعيد الضوء لعيوننا و يحثنا للتوبة ، تجعل غيوم الخطية تنقشع و يسمح لنا بالتناول من الأسرار التي تشعل قلوبنا بمحبته لتضيء لنا الطريق
و هنا أهمية الرجاء و الصبر على الغيوم بثقة أنه لا شيء يغلب رب المجد ، فسيزيل كل الضيقات و يضيء حياتنا ، و من يصبر للمنتهى فهذا يخلص
بندق

مفاهيم مختلفة

هناك الكثير من المفاهيم في حياتنا نعتقد أنها كالمسلمات الرياضية التي تكونت و ترسخت بداخلنا بناء على خبراتنا و الإتفاق العام بين الناس على هذه المفاهيم ، و لكن ... هل هي فعلا صحيحة ؟
لن أطيل الحديث و لكن تذكروا معي شيء بسيط هو محور ما أريد الحديث عنه ... لقد عاش العالم خمسة آلاف سنة يعتقدون في الكثير من الأشياء إلى أن جاء واحد وحيد الجنس و أثبت للجميع – بمن فيهم الأحياء بل و أيضا الأموات أن هناك مفاهيم أخرى .. مختلفة .. عميقة–
ألم يظن العالم دوما أن القوة في العضلات و في الغلبة و الإنتصار و جاء المسيح ليخبرنا أن من يترك حقه من أجل الله هو القوي ؟ ألم نظن أن الأكثر مقاما يخدمه الجميع ؟ بينما جاء إله و خالق كل أحد الذي لا يعلوه مقاما .. ليخدم الجميع
لقد كانت حياة المسيح ككل هي مفهوم جديد للحياة .. مفهوم مخالف لكل المفاهيم أو معظمها التي عرفها العالم .. و لكنها مفاهيم حقيقية ، فلقد عرفنا الغنى الحقيقي و القوة الحقيقية و التواضع الحقيقي و القداسة الحقيقية
لقد قدم الله للتلاميذ ما يذهل أي شخص .. فالله ، الذي يجلس على عرش النعمة ، تخدمه الملائكة و كل هذا المجد غير الموصوف يتنازل و يغسل أرجل تلاميذه ... بل يغسل أرجلنا كلنا ... و بعد ذلك بوقت قليل نجده يخبرهم بشيء بطريقة تساؤل غاية في اللطف : ألم تقدروا أن تسهروا معي ساعة واحدة ؟ بعد أن يغسل لي الله قدمي هل أتأفف من طول القداسات و كثرة الاصوام ؟ بعد أن يتنازل لكي يخلصني ، بماذا أرد أنا ؟ بماذا أرد ؟
بندق