كلمة أم سيف ؟

كنت قد اتفقت مع أحد أصدقائي – و إن كانت كلمة أصدقائي غير دقيقة فهم ليسوا بكثير – الذي أعتز به أكثر من نفسي أن نقوم بالكتابة في موضوع واحد حتى يعرض كل منا موضوعه على الآخر و قد اقترح موضوع " إعادة اكتشاف قوة الكلمة " و قد كان ذلك منذ أيام ... و جلست أفكر في كلمة الكلمة و من أين تصدر الكلمة ، من العقل أم القلب ... و هل أعيش أنا لمجرد أن اتكلم و ارتباط الكلام بالعمل .. و هاصت الدنيا و لصت أنا إلى أن جذبني بشدة التشابه الغير عادي بين كلمة "word" أي "كلمة" و كلمة "sword" أي "سيف" ، وتساءلت : ترى هل لهذا التشابه غرض أو مغزى معين ؟!!

في أي الأحوال قد رأيت أن هذا التشابه يوضح معنى الكلمة بشدة فكل كلمة هي بمثابة سيف ينطلق من فمي و أرجو أن يسمح لي القلم بأن أتحدث عن الكلمة من الآن متمثلة في السيف و السؤال الآن هل للسيف قوة ؟ ... و هنا لا بد من الإجابة بسؤال آخر : أي نوع من السيوف ؟ فهناك السيف الحاد المعد للحروب و القتال و هناك أخر معد للتقطيع ، و غيرهما معد لإرجاع الحق و آخر غير مسنون لا يقطع ولا يفيد ... يا للعجب إنها نفس صفات الكلمة .

فأحياناً تكون الكلمة حادة و معدة لكي تقتل سامعها ، أقصد تقتل ما بداخله من مشاعر و أحاسيس بل إن كلمة واحدة ربما تؤدي بأحدهم إلى الإنتحار أو الموت ألماً ... هذا هو السيف الأول .

و هناك أيضاً كلمات التقطيع التي تفعل ما يطلب منها بالضبط مثل ان يقرأ مذيع ما نشرة الأخبار ، إنها أيضاً كلمات تعتمد فائدتها أو ضررها على صاحبها و قائلها .

أما كلمات الحق فهي أرقى و أرق أنواع الكلمات فربما يكون أحد تتلخص حياته في كلمة الخطية و تأتي كلمة التوبة فترجعه إلى الطريق الصحيح و ربما يسمع أحد كلمة حق في عظة فيعيد التفكير في أمر ما كان سوف يبعده عن الحق ... إنها سيوف مطلوبة و تؤدي دورها للوصول إلى الأفضل .

أيضاً هناك السيوف الغير مسنونة و هي أردأ أنواع السيوف فهي لا تصلح لشيء لا للقتل و لا للتقطيع و لا حتى لإرجاع الحق ، و هكذا أيضاً الكلمات التي لا تفيد و الكلمات التافهة فإن حاولت تقتل تسبب ألماً كبيراً ولا تقتل و إن حاولت التقطيع أو إرجاع الحق لا تستطيع لأنها كلمات عاجزة غير مصلحة بملح ... تدين صاحبها لأن إحدى أوجه قوة أو أهمية الكلمة أنه بكلامك تبرر و بكلامك تدان .

و انتقلت بفكري إلى محاولة الوصول إلى أفضل أنواع السيوف أهو القاتل ؟ لا أم هو المقطع ؟ أيضا لا فهو دون عقل ... بل حتى سيف الحق هو ذو حد يسبب ألماً في بعض الأحيان ، و بالطبع ليس السيف الغير مسنون فهو لا يصلح لشيء ... إلى أن انتهى بي التفكير إلى أفضل انواع السيوف أنه السيف الذي بداخل غمده ... نعم ، فهو لا يؤذي أحداً و إن مرر رأسه على حده ... لست أقصد أنه دوماً داخل غمده فلا بد أن يخرج أحياناً ليعيد الحق مثلاً و لكنه في وضعه الطبيعي داخل غمده ... لهذا آثر الأباء الصمت عن الكلام فالكلمة مهما كانت قوية هي مازالت عاجزة أشد العجز في مقابل الصمت ... ألا ترون أن أعظم المناظر في حياتنا و التي تؤثر فينا هي مناظر صامتة ؟؟ بداية من منظر ملكنا على الصليب إلى منظر خاطئ صامت اغرورقت عيناه بالدموع و هو يتطلع للصليب ... بل حتى الأم عندما ترسل أشعة الحنان القوية لوليدها من خلال حمله و ضمه إليها في رقة ، و الزهور الرقيقة التي لم أسمعها تتحدث من قبل البتة ... ربما نحتاج الكلام أحيانا و ربما يكون الكلام قوياً و لكنه ليس أقوى من الصمت ، لقد كان صياح ديك مصحوباً بنظرة من المسيح قوية بدرجة أعادت بطرس إلى الله ... و كانت كلمة جارية قوية بدرجة أبعدته قبلا . و السؤال الآن ترى أيهما أقوى كلمة من جارية .. أم صياح ديك مع صمت الله ؟ ...

بقي أن أقول أن بعض الأماكن أو الأشخاص عندما يصدر عنهم "دوشة" تكون "دوشة هادئة" و آخرين عندما يصدر عنهم الهدوء يكون هدوء مزعج ... فأيهما نفضل ؟!!!.