بصمة السكون

قد تضحك أحيانا لدرجة أن يترجرج جسمك و تدمع عيناك و لا تقدر أن تتمالك نفسك ... و قد تظن أنها قمة السعادة .. و لكن حالما تنتهي موجة الضحك تلك قد يعقبها مباشرة شيء يستدر دموعك للحزن ، هذه التي انسابت من قبل من كثرة الفرح ... إن كلها انفعالات وقتية تذهب و تجئ في حياتك دون تاثير عميق تظل دوما تذكره و تشتاق إلى تكراره
على الجانب الآخر ، قد تقابل أحد الأشخاص أو تكون طرفا في حدث ما ، هذه المفابلة أو هذا الحدث يلتصق بعقلك ، يترسب في ذهنك و الأهم من كل هذا عندما يترك بصمة بداخل قلبك ، هذه البصمة التي تشعرك بسكون القلب فتشعر أن قلبك ساكنا و نفسك هادئة لا تضحك جدا و لا تبكي حزنا و لكنها تشعر بنوع عجيب من الشعور لا يوصف و لكنه يدخل إلى أعماق القلب ليترك تلك البصمة من السكون و التي تستطيع دوما أن تتحسس آثارها مهما تقادم الزمن فوقها أذكر الآن ذلك اللقاء مع الأب الراهب أبونا السرياني و لم أنس اسمه و لكنهم هكذا يدعونه باقي سكان الدير من لابسي الزي الأسود "أبونا" ، لم أتحدث في ذلك اللقاء ، و لم أنطق ببنس شفة و لم يكن حتى لقاء فردي ، فقد كان يتحدث إلى جميعنا ، و لم يقل الكثير من الكلمات ، و قد كنت أجلس تحت قدميه التي لا يقدر أن يحركهما و أتطلع إلى وجهه ، و بداخلي هذا الشعور العجيب من السكون و الفرح الساكن و الاستمتاع بالوجود في حضرة هذا الأب ، فإن كانت هذه الفرحة الغير مرتبطة بضحك و تلك التعزية الغير ناتجة عن الدموع قد شعرت بهم في حضرة أحد البشريين ، فكم تكون السعادة و كيف يكون الشعور في مقابلة رب المجد ؟ ألا يستحق هذا السير في اضيق الأبواب و التخلي عن الكل من أجل الواحد ؟ أعطني يارب القدرة لكي ألتصق بك وحدك إلى الأبد
بندق