هذه المرة ، اقترح علىّ صديقي أن نتحدث عن أبيض و أسود ، و في الحقيقة قد فكرت كثيرا في هذا الموضوع ، و ظللت أحاول الوصول إلى سبب تسمية اللون الأبيض بذلك و الأسود كذلك ، و لماذا يرتبط اللون الأبيض بالفرح ، النجاح ، الصّح و القيامة ...و يرتبط اللون الأسود بعكس هذه الأشياء .. إلا أنني فكرت أنه ليس من المهم كل ذلك بالمقارنة بما وراء اللونين من رموز و معانٍ في حياتنا التي نعيشها كل يوم .
و إذا نظرنا للموضوع كله بنظرة موضوعية لرأينا أن اللون الأسود ليس مذنبا في كوننا إتخذناه رمز الشر و الحزن و ... ، بل حتى لو كان مسئولا عن هذه الرموز فلا بد أن نحبه جداً و ليس ذلك فقط بل و نشكره أيضاً ... ، لست أحاول التلاعب بالألفاظ أو ما شابه و لكن لنفترض أن اللون الأسود هو عدوي ... لقد قيل أحبوا أعداؤكم ، فلا بد أن نحب اللون الأسود ، أما لماذا نشكره فدعونا نتأمل ببساطة .. ألست أستخدم أنا الأن اللون الأسود للكتابة ؟ إنه يوضح اللون الأبيض و يظهره ، و يمكننا قولها بشكل آخر .. لولا وجود اللون الأسود لما استطعنا رؤية اللون الأبيض ، أليس كذلك ؟ ... كثيرا ما نعترض على وجود الأسود .. الشر .. الحزن ، و كل هذه الأشياء و لكن تخيلوا معي .. لو لم يحزن الإنسان يوما فأنى له أن يعرف طعم الفرح ، و إذا لم يجرب الإنسان الشر و الظلم إذا وقعا عليه ، كيف يستطيع أن يميز فعل الخير و العدل و الرحمة و الحق و كل هذا ؟!!
إن المشكلة تكمن في أننا نمركز أنفسنا داخل الكرة الأرضية كي يدور حولنا كل الأشياء ، فإذا كان الأبيض سيريحني فأنا أحبه و أطلبه و أسعى في الحصول عليه ، و إن كان اللون الأسود يضرنا فلا نريده و نطرده من حياتنا للأبد ... أليس ذلك اعتداد بالذات ... إن الذي يلتصق بالله يراه في الأبيض في الحق و الخير و المحبة و الرحمة ، و ليس ذلك فقط .. بل يراه في الأسود ، إذا رأى الظلم يتذكر عدل الله و إذا رأي الغش يتذكر أمانة الله و إذا راي الأنانية يتذكر كيف أخلى الله ذاته ليفدينا على الصليب ، أوليس اللون الاسود يساعدنا على الشكر و التقرب لله ايضا ... ليتني أترك الأمور الكثيرة التي أهتم بها مثل وجود الأبيض و الأسود ... أترك الكل لأن الحاجة إلى واحد ... .
مارس 2005