سعادة للصفر ، أم حزن للما لانهاية

أنا مكون من تراب ... يدعوه البعض العدم ، و يدعوه بعض العلق ، و اختلفت المسميات و لكن المسمى واحد ... و لكن العلق و العدم و ذرات التراب وحدهم لا يكوّنوا انسانا أبداً ، في الحقيقة يمكن اعتبارهم صفر ، لا يكونوا شيئاً أبداً

و لكن إذا مزجت هذا الصفر بالمالانهاية ، غير المحدود و غير المعدود ، يتوارى الصفر ، هو موجود و لكن دائرتي المالانهاية يطغيان على دائرته و يبتلعانها ، لقد نفخ الله في الصفر فصار انساناً ، أعطى الله من روحه للعلق فصار انسانا عاقلا ، يفكر ، يضحك ، يخترع ، يتقدم ... انسانا يحب

و الحب لا ينبغي أن يكون غريبا على الانسان ، لأنه المكون الرئيسي له ، فان كان الله هو المحبة ، و خلقنا بدافع الحب ، فالروح التي بداخلنا هي بالأولى روح محبة ، لا تعرف الكراهية ، و لكن .. أيجلس الصفر هكذا دون عملا .. متفرجا بريئا ؟!

إن أرواحنا لا تموت ، و كذلك محبتنا لا تموت ، المحبة الحقيقية التي سببها الله و يتخللها الله ، دون شروط هي ، مثل محبة الأب لإبنه و الجد لحفيدته و بعض الأزواج لبعضهم

المحبة التي لا تموت تنتقل من تراب لأخر ، من صفر لأخر ، يظل تأثيرها و دروسها و شكلها حي للأبد ، مثل مكان خروجها .. روح الله

نحن ننسى تلك الروح التي تستوجب الشكر دوما ، ننساها في كل نَفَس ، في كل شربة ماء ، أو في كل تعثر نكرهه – و قد يكون للبنيان – فنظنه نحن فقط ليس صحيحا ، و لكن أيعرف الصفر أكثر من المالانهاية ؟!!

إن النهايات السعيدة تأتي دوما بعد أفلام محزنة ، فإحزني يا نفسي على ضلالك عن المالانهاية .. لعل النهاية تكون سعيدة ..!!

الإعجاب .. الحب .. الله

بينما يتبارى الناس و العلماء في تنظيم الأمور و النظريات ، و و ضع طريقة و شكل لكل شيء حتى تكمل كل منظومة الأخرى لتشكيل منظومة كبيرة تحتوى على كل شيء ، كان هناك من فعل ذلك و يفعله الآن و سوف يفعله لاحقاً ، الله ، ضابط الكل
الإعجاب هو مفتاح لكل شيء ، هو محرك قوي و غريب للمشاعر و العقول و يكاد يكون هو المحرك الأساسي للجنس البشري و التقدم الفكري لديه
أعجب الإنسان بفكرة الطيران عندما رآها عند الطيور ، و لم يهدأ حتى استطاع الطيران ، كذلك الحال مع الفضاء و النجوم
يعجب الشخص بشيء ما فيشتريه ، ربما كتاب أو قميص أو أي شيء ، كل الفكرة بدأت عندما أعجبت بهذا الشيء
و عندما ينمو الإعجاب و يتطور و يشتد ، يصل إلى مرحلة الحب ، فنعجب بالشخص لسبب ما ، و لكننا نجد سبباً آخر و سبب ثالث ،ورابع ، و نتنازل عن العيوب من أجل المزايا التي تجعل عيوب من نحبه و نكن له الإعجاب الشديد لا يستقبل منا سوى الحب ، الذي ربما قد يصل للهوس
ووسط كل هذا ، ينظر الله إلينا متعجباً مما نفعل ، كأب يشاهد طفله و هو مستغرباً ما يفعله ... إن كنا نكن كل هذا الإعجاب للأشخاص و الأشياء ، فلماذا لا نعجب بالله ؟
إن كنا نحب الناس بالرغم من عيوبهم و نتغاضى عنها ، لماذا يا نفسي لا تحبين الذي بلا عيب ، الذي تتوافر فيه كل الصفات الحلوة .. لماذا لا يتكون لدينا هوس الله ... مثل هوس السيارات و المطربين و الملاهي و .. و .. و .. إلخ
"يارب انت تعلم كل شيء ، أنت تعلم أني أحبك "

الوردة أم السبورة

بينما انهمكت حبيبتي في اختيار افضل ثمار الطماطم و الخيار للخزين الاسبوعي ، وقفت أنا مستندا على عربة التسوق في البقالة الكبيرة أو كما يدعوها الناس ، السوبر ماركت


وقفت أشاهد من حولي و ما حولي ، الكثير من الأرفف و المنتجات و الكثير من الناس منهم من يشاهد و من يشتري و على رأي القائل ، اللي ما يشتري يتفرج


ووسط كل هذا لفت نظري رجل يتجول مع ثلاثة بنات صغيرات ، أعجبتني الفكرة ، فعادة الرجل الشرقي يظن أن دوره الوحيد هو دفع المال ، و لكن الرجل كان يتجول مع بناته أو ربما بنات أخيه ، أو ... أو ... ، ليس هذا المهم


وقفوا أربعتهم بقرب مكان أدوات الزراعة و لفت نظر البنات بعض الورد الملون الصناعي ، انتقت الكبرى مجموعة من الورود ، و الوسطى كذلك ، و بينما iمت الصغرى أن تقلدهم ، ربما بدافع الاعجاب بالورود أو الثقة في رأي أختيها ، قال لها الرجل ، لا ، فقد اخترت قبلا السبورة ، و هنا ترددت البنت قليلا خاصة حين أكمل ، عليكي أن تختاري بين الورد و السبورة ، فلو أخذتي الورد سنرجع السبورة مكانها .


كشخص ناضج كنت أفكر فيما سوف تفعله الصغيرة ، لو كنت مكانها لإخترت السبورة فوراً ، فسوف ألعب و اشخبط و امسح و أكتب مرة أخرى ، ماذا سأفعل بالوردة ؟!!


و لكن عندما هدمت الفتاة أحلامي السبورية و اختارت وردة واحدة ، حتى حينما أكد عليها الرجل أن ذلك يعني بكل وضوح أنه لا سبورة ، أومأت برأسها موافقة بينما هو يحاول إخفاء ابتسامته لاستسلامها و عدم استيعاب عقلها الصغير لفكرة واضح أنها تملكت عليها ... و لماذا لا آخذ كل شيء ؟!


لن أدخل في تفاصيل هذا الموقف التربوي العميق الذي كدت أصفق له وسط السوبر ماركت و لكنني توقفت منعا للفضائح

و لكن اذا فكرت قليلا بعيدا عن ذلك ، فبكل المقاييس التي ربما لم تضعها هذه الفتاة في الحسبان ، كان اختيارها هو حقا الافضل


ترمز الوردة إلى الطبيعة .. السكون .. حلو الرائحة .. العطاء .. تشبع الروح و كل ما هو معنوي


و ترمز السبورة إلى العلم .. الفروض المدرسية .. كثرة التفكير .. النظريات .. تشبع الفكر ، و كل ما هو مادي


و قد أثبتت الفتيات أن الله يخلقنا كالفراشات تماما ، نبحث عن الزهور و الورود و الألوان .. نبحث عن اشباع الروح ، و لكن رويدا رويدا تنمو فينا المادة و تمسك بزمام الأمور


إذا فكرت أنني أويد التخلف و عدم التعليم ، فتخيل نفسك في بيت ريفي محاط بالزروع في كل مكان ، أو في بناية عملاقة محاطة بمثيلاتها ، تأتيك هدية وردة حمراء من حبيبتك أو قلم فاخر من النوع باركر ، تقف في سكون تتحدث إلى خالقك و تشعر بشعور داخلي لا يضاهى أو تلقي كلمة في اجتماع عمل مضغوط .. أيهما تفضل


فقط و أنت تبحث عن طعام فكرك و جسدك ، لا تنس الروح

عيد الحب

فكرة العيد ، هي الاحتفال بمناسبة عزيزة أو ذكرى حدث هام ، أعياد دينية ، وطنية و اجتماعية ... كلها تتميز بطابع واحد هو الشعور بالفرحة
و بالرغم من أن الحياة لا تقف فقط عند الفرح في الأعياد ، فالبعض يسلم روحه إلى خالقه ، و البعض يشارك في جريمة ما و هكذا ، و لكن تظل الروح السائدة هي : روح العيد
و اعتدنا منذ الصغر أن نفرح في العيد لعدة أشياء أهمها الملابس الجديدة و العيدية ، فكانت العيدية هي وسيلة إتمام فرحة العيد بشراء الحلوى و الألعاب ، و كلما زادت الغلة ، زادت الفرحة و امتدت لعدة أيام أخرى
و بينما كنا نتلقى العيدية من الأقارب ، فكلما ازداد وعينا، تيقنّا أننا في الحقيقة نتلقاها من أبوينا الذين دفعا بدورهم لأولاد الأقارب و بالطبع هم من اشتروا لنا الملابس قبلاً
و هنا يرتبط العيد بالعطاء ، و اسمى أنواع العطاء هو العطاء الأبوي ، فالأب و الأم على أتم استعداد للعطاء الدائم دون أخذ ، العطاء النابع عن الحب ، و بالتالي فهم الانسان فكرة الحب ، لذا فعيد الحب هو رمز للعطاء ، فقد لا تقوم بشراء هدية و لكن على الأقل وردة حمراء أو أي لون ... تعطي شيء ما ، لأنه ما هو الحب بدون عطاء ، ما هو الحب بدون عطاء بفرح
الذي يعطي بفرح ، يحب بحق ، و مهما أعطى لمن يحب ، يشعر أن ما يعطيه غير كافى و يود دائماً أن يعطي ، و هكذا فعل معي أبي و أمي مثلا ، يعطونني و اخوتي قدر طاقتهم كل ما نحتاج ، و كل ذلك بفرحة غامرة ، إنه الحب الحقيقي
و بينما يحتفل العالم بعيد الحب فقط بين العشاق و المتزوجين ، أعتقد أن كل شخص لا بد أن يحتفل بعيد الحب مع أبويه ، اخوته ، أصدقاؤه أو زملاؤه ، فالمهم أن يحتفل بعيد الحب بالطريقة الصحيحة ، أن يعطي و يعطي بفرح
و نعود للفارق العجيب بين بين كل فضيلة بشرية و إلهية ، فالله هو أساس و أصل و محتوى كل الفضائل ، و من هنا فالعطاء لديه غير محدود و غير معرف ، بل إنني أكون لا أبالغ إن قلت أننا مهما فعلنا لا نستطيع أن نحصي ما يعطيه لنا الله ، لا تنسى الهواء و الماء و الطعام و الزرع و يداك و رجلاك و .... إلخ
في عيد الحب هناك الكثير من الأشياء التي تجذب الاهتمام كالألوان و الورود و الطعام ، و لكن وراء كل هذا دافع واحد محب ، هو دافع العطاء
و في كل يوم يحاول الله جاهدا أن يحتفل معنا بعيد الحب، يعطينا و يعطينا ، و لكن هل نستجيب لنداءات الاحتفال أم نستهين بعطاياه ؟
كل سنة و حضرتك طيب يارب
كل يوم و حضرتك طيب يا رب
بمناسبة عيد محبتك اليومي